الخميس، 20 أبريل 2017

ذئب

كان يرمقني من بعيد بنظرة تنضوي على شراسة وتأهب .كنت أقف منه على مسافة تسمح لي بالفرار حال إنقضاضه عليْ ،لم يكن ذئبا" عاديا" .فقد بدا لي وكأنه وحشا" عملاقا" ، كان الخوف يملء كل الفراغ الذي يحيطني ويحبطني ويقف مابينه وبيني ، وكان هو يسد الطريق الوحيد أمامي . فكرت كثيرا" أن أسرع الخطى للخلف مبتعدا"عنه ، وفكرت كذلك أن أمضي في طريقي بجواره بهدوء كي لا أشعره أنني خائف منه .
ولكن إنتابني شعور بالقلق .فأنا لا أدري ماذا هو فاعل بي إن غلبت قفزاته خطواتي السريعة ؟..لا يمكنني حينها ان أتغلب عليه، يقينا" سيقضي علي!
لم يكن حولي ثمة آدمي يمكنه إغاثتي ، وما ألفت نفسي جبانا" من قبل .
فكرت كثيرا" وسريعا" ماذا عساني فاعل؟! حتى هداني تفكيري إلى أن أمسك بحجر ثقيل و أن أتحرك سريعا" نحوه ،عله يرتدع، وإن لم يفعل سألقيه بالحجر وأهرب.
لم يكن الأمر على هذا النحو من السهولة ، فلقد هممت بالإمساك بالحجر في اللحظة التي كان يتأهب هو فيها بالإنصراف ! لكن شيئا" ما قد حدث وقلب الموازيين !!
عاد يرمقني من جديد و عيناه ترمي بشرر كالقصر . أما انا فلم يعد لدي ترف الأختيار ..الحجر في يدي وقد أحكمت قبضتي عليه ،وما هي إلا ثوان حتى وجدتني منتصبا" امامه بينما كان صغاره يلتفون حوله في ترقب وحذر وخوف ..لم أنتبه إلا والحجر يسقط من بين يدي ويهوى على الأرض ، والذئب يصرف أنظاره عني بهدوء ويمضى في سلام!
كانت مساحة الخوف التي تفصل بيننا كالجبل ،سرعان ما تبددت عند المواجهة. بدت لي في تلك اللحظة وكأنها وهمٌ كبير صنعناه رغما"عنا ، فالخوف أشباح خلقناها بأنفسنا لتعيش بيننا وتعوق حياتنا دون التقدم ،
ولولاه لكانت الحياة أهدأ وأكثر طمئنينة.ولبصرنا الذئاب وقد كستها وداعة الحملان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق