الاثنين، 25 نوفمبر 2013

امام العرش ------ ( مالم يكتبه نجيب محفوظ )


يصيح حورس بصوته الجهوري :- أول رئيس منتخب بعد ثورة يناير يامولاي المعظم أوزوريس
أوزوريس :- أسمحوا له بالدخول .
" يدخل الى بهو قاعة المحاكمه رجل ضعيف البنيه ذو لحية كثه يخالط سوادها بياضها ، ويحمل بين أذنيه نظارة طبيه ، يتعثر في خطواته ، يتصبب عرقاً ويتمتم بكلمات غير مفهومه حتى مثل أمام العرش
يتلو تحوت كاتب الألهه صفحة جديده :
"هذا يا مولاي محمد مرسي العياط اول رئيس متخب بعد الاطاحه بسلفه مبارك ، وهو واحد من " الأخوان المسلمين " الذي سعوا طويلاً للوصول الى عرش البلاد ، وبعدما نجح المصريون في الثورة على المستبدين الذين  حكموا البلاد والعباد طيلة ثلاثين عاماً ، أتوا جماعه الأخوان وانطلقوا في شوارع مصر يدفعون الناس دفعاً لتأييدهم  مدعيين أنهم  هم من يعبرون عن الدين و من يمثلونه
لكنه ما أن أستتب له الأمر في البلاد حتى أنطلق يعبث بمدخراتها وتراثها الثقافي والقيمي بأسم الدين ، وقام رجاله بوضع دستور لمصر على غير رضى المصريين ، ونفذ الوقود وانخفضت العمله وحل الظلام محل كل نور في مصر ، وضاعت العداله على ايديهم .وأوشك نهر النيل على الجفاف .
هنالك قاطعته أيزيس غاضبه :- كيف حدث هذا ..وكيف يمكن لماء النيل أن يجف في ارض مصر وهو الذي كان يفيض بمياهه فيسقي منف وطيبه  في آن واحد .
أوزوريس ناظراً الى أيزيس :- مهلاً يا زوجتنا العزيزه . دعي " تحوت يكمل تلاوة  كتابه "
 يشير أوزوريس الى " تحوت " أن أكمل قراءة كتابك
تحوت ممسكاً بكتابه : " أصبحت حدود مصر يامولاي مهدده في عصره من الجنوب  والشرق والغرب ، فسد يبنى عند منابع النيل في الحبشه يحول دون وصول المياه الى ارض مصر  وأسلحة من الغرب والشرق تدخل مصر دونما ردع ، وكثر الهرج والمرج والقتل والسرقه والأغتصاب ، وأنقسم الناس في مصر الى فريقين لأول مره بعدما وحدهما مليكنا المعظم مينا .
فدعاه أوزوريس ألى الكلام .فقال :-
أعاني بالأضطهاد  منذ طفولتي ، عشت زمناً من الكفاح والمثابره حتى أتغلب على احساسي هذا ولم أستطع ، لم يحقق لي تفوقي في الدراسه لمحة من هدوء بال ، أو قسطاً يسيراً من نشوة النصر . حتى وجدت ضالتي بين جماعه الأخوان فأنضممت أليهم  وتدرجت على ايديهم حتى بلغت شأناً بينهم ، ودعاني مرشدنا ألى أن اكون رئيساً لمصر بعدما نجح المصريون في ثورتهم ضد مبارك .
هنالك قاطعه رجل ضخم البنيان ، ذو لحية يدب فيها الشيب ، له حاجبان كثيفان وتنطلق من عينيه شرر الغضب والحقد:- لست انت من كان يحكم مصر ..بل أنا
أيزيس :- من أنت حتى تتكلم دون أذناً منا
حورس :- انه ( خيرت الشاطر يا مولاتي )
أيزيس :- فليصمت حتى ينتهي مرسي من شهادته  . وألا فليخرج وليجلس في معية الشياطين
مرسي:- " نعم نعم ، أعترف أنني لم أكن أحكم البلاد وحدي ، لذا يجب أن يقف جواري صديقي خيرت الشاطر
أوزوريس :-فلتأذن لي زوجتنا الحبيبه أيزيس و لنأمر به ليقف الى جواره ويتلو شهادته .
الشاطر :- " مولاي أوزوريس ،شكراً لك ،  مانحن ألا رجالاً كنا نعمل في بلاط  مكتب الأرشاد ، وما مكتب الأرشاد هذا ألا هيئة تنظيميه تعبر عن جماعة الأخوان وأفكارها عبر عقود ،  وجماعة الاخوان يا سيدي جمعية أجتماعيه خيريه تعمل من أجل تحقيق الحياة الرغده  التي يتمناها كل مسلم في مصر ، بل كل مسلم في العالم أجمع .
أوزوريس :- وما معنى أن تتولى جمعية خيريه كما تدعي حكم مصر
مرسي:- أردنا يا سيدي أن يعم الخير في ربوع مصر ولن يتأتى لنا ذلك ألا من خلال العرش
أوزوريس : ولكن الملك أخناتون دعى الى ديانه التوحيد وتمرد على كهنة أمون ولكنه صنع لمصر مجداً مازال المصريون فخرون به حتى الان
مرسي : ولكني صنعت أشيائاً يفخر بها المصريون كذلك ، كنت أخطب فيهم كثيراً ولم يكونوا قد اعتادوا على ذلك من قبل ، وأستطعت أن آتي بدعم لمصر بعدما كادت خزائن البلاد أن تخلو من المال ، وقدمت لهم دستوراً لم يكن محل أتفاق بينهم ولكني كنت أراه جديرا بهم ،  ...
أوزوريس :- حسناً فماذا قدمت للفلاحين اذاً
مرسي: مطأطأ الرأس :- لا شيء ولكن ....
أيزيس :- ونهر النيل
مرسي:- لا شيء ولكني ....
حورس :- لكنك لم تقم العدل في البلاد
مرسي:- لكني اردت أن ...
أيزيس :- أنك لم تقدم شيئاً يستحق أن تحمد عليه ولا نراك كذلك مستحقاً لمكان الجهنميين ، ولكنك أخطأت في قدر المصريين خطاً لا يغتفر
مرسي:- ناظراً الى اوزوريس مستجدياً شفقته :- ولكني يا سيدي.....

أوزوريس :- أصمت .!! حجتك واهيه ، ودفاعك باطل ، فليس لك مكاناً بين الخاليدن ، أذهب على يسار العرش حيث مقعد التافهين !