الجمعة، 20 ديسمبر 2013

أنتحار



مثلهم انا ، أحب الحياه وأحب البرودة حينما ياتي فصل الصيف ، أبحث عنها مثلهم في هذا الطقس الحار شديد الجفاف ، ألتمسها على بلاط بارد أسفل الأسره أو في أدراج خزائن المطبخ بين ثنايا الملاعق والسكاكين والأدوات المعدنيه الخفيفه تلك ، وأخاف مثلهم ، أخاف من البطش ومن القهر ومن الظلم ، أختبأ ريثما يختفي عن ناظري قاتلي وأطمئن أنه قد ذهب بعيداً وزاغ عني بصره ، فأعود أظهر من جديد وألهو كالصبية الصغار وأبحث عن مأوى جديد أكثر رحابة وأشد أمناً ، وأميل الى سكون الليل الطويل ، أنتظره ... أنتظره حتى يعود دورته من جديد فأختبأ في هدأة الظلمه وأطمئن ملء قلبي ، فأنا لي قلب مثلهم ، قلب يحب ويخفق ويخاف ويسعد ويتألم ولكنهم لا يشعرون !
بالأمس رأيت صغاري يحبون ويتعثرون ، خشيت عليهم من الموت ، خشيت أن تغتالهم يد خبيثة حين تبصرهم فرحين منطلقين فأخذت ألملم جنباتهم وأضمهم اليِ وبكيت ،، نعم بكيت ، فنحن نحيا في عالم مخيف ، مهددون دائماً بالقتل لا أمل لنا في مستقبل آمن، و لا مكان لنا بين ظهرانيهم ، الموت تحت أقدامهم هو النهاية الحتمية لمستقبلنا كما كانت الحياة تحت أهداب الفزع هي المصير الذي نحيا فيه دوماً .

نحن خلقنا لا نعرف الظلم ، ولا نعرف القتل ، ولا نعرف الخيانه ولا ذنب لنا غير أننا نحيا لنقتات الفتات ونسكن ما أنفوا هم أن يسكنوه ولا نقوى على صراعهم ولا طاقة لنا في المقاومة ، ثم أننا لا ننافسهم في شيء لا نمتلك شققاً مثلهم ولا سيارات ولا أراضي ولا نعمل في الصناعه ولا في التجارة ولا في البورصه ولا نقرأ او نكتب مثلهم ولا نمتلك الهواتف النقاله ولا نشاهد التلفاز ولا نطرب للموسيقى ولا نذهب الى السينما لمشاهدة الأفلام ، ولا نركب الطائرات ولا البواخر لأننا لا نعرف السفر الطويل ولا نبغي الهجره نحن فقط نريد أن نحيا ... نحيا آمنين دون خوف ودون فزع ودون قلق.... فلماذا يقتلوننا ؟!

نحن نعيش أذاً لنموت فجأة ، تغتالنا أيديهم وأرجلهم وهم فرحين ثم أنهم يمارسون القتل باستمتاع بالغ غير عابئين بأرواحنا تلك التي تقضى فجأة بمجرد أن يرانا أحدهم .
حينما أسير على سطح أبيض أو جدار فاتح اللون أسير خائفاً مرتاعاً لأن جسدي الهزيل هذا يبدو كبقعة سوداء واضحة المعالم والتفاصيل ، كنت أزحف سريعاً محركاً شاربي هذا الرفيع يٌمنةَ ويسره أتحسس به يد البطش التى تهوي بغتة فينتهي كل شيء ، فلربما ياتيني الموت من أي أتجاه فأضطر الى تغيير مساري سريعاً والعوده مره أخرى للأختباء 
أي حياة تلك دائمة الخطوره ، عديمة الأمان وعديمة الأمل ، نحن نتعجل الموت لا لأننا نكره الحياه ولكن لأننا نعرف أن حياتنا هذه لا معنى لها ولكن جل ما نخشاه هو موت الفجاءة .. موت الصدفه التي تصنعها أيد بشريه ، ما أقسى أن تموت دون أن تستطيع أن تطعم صغاركم أو أن تودع أهلك ، وما أقسى أن تموت غدراً وأنت تعلم حال حياتك أنك حتماً مقتول ، مقتول بلا ذنب أو جريره !

لذا فقد قررت أن أتخلص من حياتي بمحض ارادتي ، لقد قررت ألا أموت بغتة كباقي الصراصير ، سوف أنهي حالة الفزع الدائم تلك وأستعد للموت ، سوف أتهيأ للموت داخل المخبأ المظلم هذا وحينما أصبح قادراً على أن اواجهه ... فقط سوف أخرج الى النور . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق